للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المهد في الأصل مصدرٌ، والمهادُ اسم.

وهذا صفةُ الأول: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى} ولعله كان شَرَع في هذا الكلام، فقطَع عليه فرعون بهذا الاعتراض، فأجابه ثم عاد إلى تتميم الكلام الأول.

ويجوز أن يتمَّ الكلام الأول ثم يكون هذا تقريرًا لقوله: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} لأنه هو {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} الآية، ومَن هذا صفتُه فإنه لا يضلُّ ولا ينسى؛ أي: ربي هو الذي جعل لكم الأرض موضعَ قرار كالمهد (١) الذي يُنام فيه (٢) ويُستقرُّ عليه، والمهادِ الذي يُجلس عليه ويُستقر عليه، وقد وصفها اللَّه تعالى بكونها فراشًا وبساطًا وقرارًا.

وقوله تعالى: {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا}: أي: وجعل لكم فيها طرقًا، والمسلَك: الطريق، والسلوك: الدخول، والسَّلْك: الإدخال، وتقديره: وطرَّق لكم فيها طرقًا تدخلونها وتَمضون فيها إلى مقاصدكم في حوائجكم.

وقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: وهو المطر الذي يكون به الزرعُ والثمار {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} صرف الكلام من المغايبة إلى الإخبار عن نفسه وهو من أقسام البلاغة.

وقيل: تَم كلام موسى، ثم هذا مما أخبر اللَّه تعالى به وصلًا بكلام موسى.

وقيل: هذا كلام موسى: فأخرجنا نحن بالحراثة والغرس ذلك.

وقوله: {بِهِ}؛ أي: بالماء {أَزْوَاجًا}؛ أي: ألوانًا وأصنافًا {مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى}؛ أي: مختلفةِ المناظر والطُّعوم والأرائح مع اتحاد الماء والتربة، وذلك دلالةٌ على قدرة اللَّه تعالى على ما يشاء.


(١) في (ر): "مواضعَ قرار؛ أي: مواضع فراش كالمهد".
(٢) في (ر) و (ف): "عليه".