للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلما رأوا الجِدَّ واشتدَّ عليهم السَّقَم، أخذوا الخناجر فنحروا أنفسهم، فكانت عِدَّةُ قتلاهم يومئذٍ سبعين ألفًا، وبقيت طائفةٌ رُحموا وكُشف عنهم، وجَعل اللَّه تلك البليَّةَ (١) شهادةً لقتلاهم وتوبةً لمن بقي منهم.

* * *

(٩٩) - {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ}: أي: يا محمدُ كما قصَصْنا عليك هذه القصةَ نقصُّ عليك قِصصَ مَن سبَق من الأنبياء والأمم؛ لنُعْلِمك ما لم تكن تعلمُ أنه لك مَسْلاةً وتثبيًا (٢).

وقوله تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}: أي: وقد أعطيناك من عندنا كتابًا فيه ذكرُ ما بالناس حاجةٌ إليه من أمور دِينهم ودنياهم، وفيه وعظٌ لمن يتذكَّر، وشرفٌ لقومك إذ هو بلسانهم، والذكر اسمٌ لكلِّ ذلك.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: قوله: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} لتعلَم أنَّا لم نبلِّغْ أحدًا مَبْلَغكَ، وأنه لم يكن منَّا لأحدٍ مِثْلُ ما لك، نحفظُ سرَّك ونُخفي أمرك ونُطْلِعك على أحوال الكافَّة، ولم نُطْلِع أحدًا على سرِّك (٣).

* * *

(١٠٠ - ١٠١) - {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}.

وقوله تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ}: أي: عن هذا الذكر فلم يَقبلْه ولم يَعمل به


(١) في (ر) و (ف): "الليلة".
(٢) في (ر): "وتنبيهًا".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٧٦).