للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ}: أي: يُحيون الموتى، استفهام بمعنى التوبيخ، و {أَمِ} بمعنى ألف الاستفهام لأنه لم تتقدَّمه ألف الاستفهام ليكونَ عطفًا عليه.

وقيل: هو عطف على ذلك تقديرًا، ووجهه: أفخلَقْنا (١) السماوات والأرض لعبًا، أم الملائكةُ الذين يعبدوننا في السماء معبودين، أم هل ما اتَّخذتُموه (٢) من الأصنام في الأرض يُحيي الموتى ويَضرُّ وينفع فيكونَ في ذلك موضعُ شبهة.

وقيل: يجوز أن يكون {أَمِ} في هذه الآية عطفًا على قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ويجوز انتقال الكلام من المخاطبة إلى المغايبة.

وقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}: أي: لو توهِّم وجود السماوات والأرض بصانعَين لفسدتا؛ لِمَا يجري بين الصانعَين من التمانع؛ لأنَّهما لا يخلوان من أن يكونا قادرين، أو عاجزين، أو أحدهما عاجزًا والآخرُ قادرًا، والعاجز لا يكون إلهًا، وفي كونهما قادرين مع جواز ممانعةِ أحدهما صاحبَه ما يوجب استحالة وجود (٣) فعلهما؛ أو (٤) يَحتاج كلُّ واحد إلى موافقة صاحبه لحصول مراده، والحاجةُ نقصٌ يستحيل معها الإلهيَّةُ، فإذا لم يكونا إلهين خلا العالم عن مدبِّر له، وفي ذلك مما يوجب انتقاضَ أمور العالم، وفي وجود العالم على ما هو عليه من الاتِّفاق (٥) دليلُ صانع واحد.


(١) في (أ): "أفجعلنا".
(٢) في (ر) و (ف): "اتخذوه".
(٣) "وجود" من (أ).
(٤) في (ر): "إذ".
(٥) في (أ): "الإتقان".