للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها؛ بل كلُّها دالة على التوحيد ونفي الصاحبة والولد والشريك، فقد بطل اتخاذ الآلهة من الجهات كلها.

{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ}: من أين يُتعرَّف ومن أيِّ جهة يُطلب {فَهُمْ مُعْرِضُونَ} عن الحقِّ كذلك.

* * *

(٢٥ - ٢٦) - {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا يُوحَى (١) إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}: تقرير ذلك؛ أي: ولم نرسل قبلك رسولًا إلا أوحينا إليه بالتوحيد وتجريدِ العبادة للَّه، دون الشرك (٢) الذين يَدين به هؤلاء، وهذا كلُّه كلام واحد.

وقيل: تم الكلام عند قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ومعناه: ولا برهان لهم، ثم ابتدأ كلامًا فيه حثٌّ على التوحيد وزجرٌ عن الشرك: {قُلْ} يا محمد: هذا القرآن {ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ}؛ أي: بيانُ حال أهل عصري: أنَّ مَن آمن أو كفر فإلى ماذا يصيرون؟ {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}: بيانُ مَن اَمَنَ بالأنبياء ووحَّد، وبيانُ مَن كذَّبهم وأشرك: أنهم إلى ماذا صاروا؟ {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ}؛ أي: ليس بهم رغبةُ معرفةِ الحق {فَهُمْ مُعْرِضُونَ} عنه، وكذلك {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} كلامٌ آخرُ في تنبيههم.

وقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}: أي: قال طائفة من العرب: اتخذ اللَّه الملائكةَ بناتٍ {سُبْحَانَهُ}؛ أي: تنزَّه اللَّه تعالى عن ذلك وتقدَّس.


(١) في (ر): "نوحي"، وهما قراءتان سبعيتان، قرأ بالنون حفص وحمزة والكسائي، والباقون يالياء. انظر: "السبعة" (ص: ٤٢٨)، و"التيسير" (ص: ١٥٤).
(٢) في (ر): "الشريك".