للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: ٦٥]، وكقوله: {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} [النمل: ١٨]، وقال النابغة:

تمزَّزْتُها والدِّيكُ يدعو صباحَه... إذا ما بنُو نعشٍ دَنَوا فتَصوَّبوا (١)

* * *

(٣٤ - ٣٥) - {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ}: لمَّا ذكر لهم هذه الآيات قالوا: ما أتى به {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} وقال في آية أخرى: {شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠]؛ أي: الموت، يموت كما مات شاعر بني فلان فنستريحُ منه ومِن سبِّه لأصنامنا وتسفيهه لأحلامنا، فنزلت: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ}؛ أي: الخلودَ في الدنيا، فليس في الموت ما يُبطل النبوة.

وقوله تعالى: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}: استفهام بمعنى النفي؛ أي: لا يخلدون بل يموتون كما تموت.

وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ}: أي: كلُّ نفسِ حيوان {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}؛ أي: تذوق الموت لا محالةَ {وَنَبْلُوكُمْ}؛ أي: نختبرُكم في الدنيا {بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ}: بالمكروه والمحبوب {فِتْنَةً}؛ أي: امتحانًا وتعبُّدًا بالصبر في المكروه، والشكرِ في المحبوب.

وقوله تعالى: {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}: بالموت والبعث فنجزيكم بما عملتُم.

* * *


(١) البيت في "الكتاب" (٢/ ٤٧) برواية: (شربت بها)، و"الأزمنة" لقطرب (ص: ٢٩) برواية: (سريت بهم)، و"مجاز القرآن" (٢/ ٣٨)، و"المقتضب" (٢/ ٢٢٦)، و"تفسير الطبري" (١٥/ ٥٤٥)، والرواية عندهم كالمؤلف.