للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣٧ - ٣٨) - {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

وقوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}: أي: عَجولًا، وقد ذكر ذلك في آيةٍ (١)، وهو كقوله: {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: ٥٤]، وقال في آية أخرى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] وهو كقولك: خُلقتَ من الشرِّ.

أي: خُلق مستعجِلًا ما يشتهيه ويريده بطبعه، وهؤلاء المشركون يستعجلون أيضًا في طلب الآيات، فقال تعالى: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي} التي تطلبونها دلالةً على صحة (٢) رسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} في سؤالها.

وقيل: يستعجلون العذاب بقولهم: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ}.

وقيل: هذا في حق النَّضْر بن الحارث، وقوله: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي}؛ أي: عجائبي في عقوبتهم {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} ذلك، وكان ذلك يوم بدر.

ثم النهيُ عن الاستعجال -مع أنه طُبع على العجلة- لمخالفةِ الطبع، وعليه الثوابُ كما في الشهوات.

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ}: أي: الموعود {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} هو أحد وجهي استعجالهم، وذلك قوله تعالى:

* * *

(٣٩ - ٤٠) - {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}.


(١) وهو قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١].
(٢) في (ر): "صدق".