للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنهم قالوا ذلك، وهو كقول السلولي: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨].

ويحتمِل أن السامع الواحد أخبر بذلك جمعًا، فقالوا ذلك بإخباره.

ويحتمِل أن واحدًا سمع منه هذه الكلمة، وآخرُ في موضع آخر عيبًا منه لها، وآخر في موضع آخر، فصاروا جمعًا، وذلك قوله: {فَتًى يَذْكُرُهُمْ}؛ أي: يَعِيبهم، وهو كقوله: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: ٣٦]؛ أي: فإذا كان هو يَعيبهم فالظاهر أنه فعَل بهم ذلك.

وقوله تعالى: {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}: أي: اسمه هذا.

* * *

(٦١ - ٦٢) - {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ}.

وقوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ}: أي: أحضروا إبراهيم وأشهِروه للناس ليَنظروا له، ومعنى: {عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ}؛ أي: بحيث يَرونه ويشاهدونه.

وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ}: قيل: أي: يُؤدُّون الشهادة عليه أنه هو الفاعل ذلك، فيكون لنا حجةٌ في أخذه.

فهؤلاء الكفار لم يقبلوا في كسرِ ما يعتقدونه إلهًا لهم قولَ طاعنٍ إلا بحجةٍ، فكيف حالُ مَن يَقبل من الملوك قول النمَّام على رجلٍ لم يَثبت ذلك عليه.

وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ}: أي: على كسر الأصنام.

وقيل: لعلهم يسمعون منه حين أُحضر لها طعنًا في أصنامهم، فيستدلون بذلك على أنه فعل ذلك، أو قد يعترف بذلك فيشهدون؛ أي: يصيرون شهداء عليه.