للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اعتراضُهم إن كان على ظاهر الآية فهو فاسد؛ لأنَّه قال: {وَمَا تَعْبُدُونَ} وذلك لا يتناول مَن (١) يَعقل، ولا يعمُّ الملائكة ونحوَهم، بل يقتصر على الأصنام.

أما لو قالوا: كلُّ معبود من دون اللَّه هل يكون مع عابده في النار؟ وهذا سؤال عامٌّ (٢) يتناول الكلَّ، لكن جواب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن أحبَّ أن يُعبد من دون اللَّه فهو مع مَن عبَده" يقتضي إخراج هؤلاء من ذلك (٣)؛ لأنَّهم لا يرضون بذلك فلا يَلزمه كلامُهم، وكان نزول هذه الآية الثانية بعد سؤالهم زيادةَ إيضاحٍ لهم، وكان تنبيهًا أنهم بما سبقت لهم من اللَّه الحسنى لا يكون لهم دخول النار.

وقوله: {سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى}؛ أي: الجنة، كما قال: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، ومعناه: سبق لهم الوعدُ بها لإيمانهم وطاعتهم.

وقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}؛ أي: عن النار مبعَدون لا يعذَّبون فيها.

وقيل: {الْحُسْنَى}: السعادةُ، يعني: مَن سبقت له السعادةُ الأزلية؛ أي: الحكمُ منا بالسعادة.

قال الجنيد رحمه اللَّه: سبقت العناية في البداية فظهرت الولاية في النهاية.

* * *

(١٠٢ - ١٠٣) - {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.


(١) في (ف) و (أ): "ما".
(٢) "عام" من (أ).
(٣) "من ذلك" من (أ).