للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه أقاويل المفسرين، وتوجيهُها على اللغة: أن التَّفَث اللُّغوي الذي هو الشَّعَثُ والغَبرُ والدَّرَن هو شعار الحج، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحاجُّ الشَّعِثُ التَّفِلُ" (١)، وتقديره على هذا: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}؛ أي: وليتمُّوا أعمال حجِّهم مستديمين بذلك الشعثَ والتَّفَل.

وقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}: أي: ومَن كان عليه نذرٌ بهديٍ فلْيَفِ به، وليس كلُّ أحد يلزمُه هديٌ، فلذلك ذكر النذر.

وقيل: النذر: الالتزام، ومَن شَرَع في حجٍّ (٢) فقد التزَم أفعالَه، فهذا أمرٌ بإتمام الحج.

وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: {ولْيُوَفُّوا} بالتشديد (٣)، والتوفية والإيفاء بمعنًى.

وقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}: وهذا أمرٌ بالطواف يوم النحر، وهو ركنٌ فيه (٤)، والطواف الأول طوافُ التحية وهو سنَّةٌ، والطوافُ الأخير طوافُ الصَّدَر وهو واجبٌ، وهذا الطواف طوافُ الزيارة وهو ركنٌ لا حجَّ بدونه.

والبيت العتيق: الكعبة.

وروي عن عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه عنه أنه قال: سألتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البيت العتيق، قال: "أُعتقَ من الجبابرة، ولا ينالُه جبارٌ أبدًا" (٥).


(١) رواه الترمذي (٢٩٩٨)، وابن ماجه (٢٨٩٦)، من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما مرفوعًا. قال الترمذي: هذا حديثٌ لا نعرفُه من حديث ابن عُمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيدَ الخُوزِيِّ المكيِّ، وقد تَكَلَّم بعضُ أهل الحديث في إبراهيم بن يزيدَ من قِبَل حِفظِه.
(٢) في (أ): "حجه".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٤٣٦)، و"التيسير" (ص: ١٥٧).
(٤) "فيه" ليس من (ف).
(٥) لم أجده عن عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه عنه، لكن رواه الترمذي (٣١٧٠)، والحاكم في =