للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الهباء (١) هو ما يُرى إذا دخلت الشمس الكوةَ، وهو كقوله: {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: ٦]؛ أي: منتشِرًا.

* * *

(٢٤) - {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}.

وقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا}: أي: يستقرُّون في الجنة بعد الفراغ من العرض والحساب {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} ظاهره: موضع القيلولة، ولا نومَ في الجنة، ويراد به الاستراحةُ في ذلك الوقت، وليس في الجنة بكرةٌ وعشيٌّ وظَهيرةٌ لكن يؤتَون بالأرزاق على مقادير الأوقات المعهودة في الدنيا، ويستريحون في مثل أوقات الدنيا.

وقيل: إن أهل الجنة لا يمكثون في عَرَصات القيامة إلى وقت الدخول في الجنة إلا مقدارَ أول النهار إلى وقمت القائلة في الدنيا، فهذا إشارةٌ إلى ذلك.

وقيل: المقيل هو موضعُ التمكُّن، قال القائل:

بضربٍ (٢) بالسيوف رؤوسَ قومٍ... أزلنا هامهنَّ عن المَقِيل (٣)

ثم قولُه تعالى: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} ليس للتفضيل بعد الاشتراك (٤) في صفةِ الخيرية والحُسن، وهو كقوله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} [الصافات: ٦٢]،


(١) في (ف): "الهبو".
(٢) في (أ): "وتصرف" وفي (ر) و (ف): "ويضرب"، والمثبت من المصادر.
(٣) البيت للمرار بن منقذ التميمي كما في "المقاصد النحوية" (٣/ ١٣٩٦)، ودون نسبة في "الكتاب" لسيبويه (١/ ١١٦ و ١٩٠)، و"اللمع" لابن جني (ص: ١٩٦)، و"شرح التسهيل" لابن مالك (٣/ ١٢٩).
(٤) في (ر): "الإشراك".