للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان لملكة سبأ اسمان: مقة (١) بنت شراحيل، وبلقيس بنت شراحيل، وكان أبوها ملكًا من ملوك اليمن إلى أربعين أبًا كلهم ملوك، وكانت هي امرأة لها نسب في الجن، وكان رغب شراحيل عن أن يتزوج في الإنس تعظُّمًا، وزعم أنه ليس له كفؤ لمكان آبائه الملوك، فخطب إلى الجن فزوَّجوه ريحانة بنت السكن، فولدت له بلقيس، فكان الجن أخوالَها.

فلما انقرض آباؤها دعت الناس إلى بيعتها فاختلفوا في أمرها، فتركتهم فملَّكوا ملكًا فلعب بنسائهم، فلما أكثر من ذلك وعجزوا عنه أدركتها الغيرة والحمية (٢)، فارسلت إليه تخطبه لنفسها تختدعُه لتستمكن منه فتقتلَه، فأجابها ثم قال (٣): لم يمنعني أن أبتدئك بالخطبة إلا اليأسُ منك، وكنت أبصر شرفك (٤) وموضعك، ولكن خشيتُ أن تردِّيني فتُسقِطي قَدْري، فأرسلَتْ إليه: ما عنك رغبةٌ، هانك لكفؤ كريم، فإذا أصبحتَ فاجمع رجال قومك واخطبني إليهم فإني فاعلةٌ ما يَسرُّك.

فلما أصبح فعَل ما أمرته، فقال له القوم: ما هي فاعلة ما تريد، فقال لهم: إنها ابتدأتني بزواجها (٥)، فجاؤوها فقالوا: فعلتِ ما ذكر الملك؟ قالت: نعم، طالت عليَّ الأَيْمة وانقرض أهل بيتي، وأحببتُ الولد والذرية ولم أجد أحدًا أشرفَ منه، فقالوا: قد رضينا، فتزوَّجها.


(١) في (أ): "معتة". ولم أقف عليه، لكن أخرج ابن عساكر كما في "الدر المنثور" (٦/ ٣٥١) عن الحسن أن اسمها ليلى.
(٢) "والحمية" ليست في (أ).
(٣) "ثم قال" ليست في (ف).
(٤) في (ر): "لعلمي بشرفك"، بدل: "وكنت أبصر شرفك".
(٥) "بزواجها" ليست في (أ) و (ف).