للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلما زُفَّت إليه خرجت في بشرٍ (١) كثير من خدم وحشم حتى مَلَؤوا منزله من كثرتهم، فلما خلا بها سقته الخمر حتى إذا أسكرَتْه قطعت رأسه، فلما انصرف حشمُها ومَن كان معها خرجت في غمارهم لا يُفطن لها ولا يَظن الناس إلا أنها قد تخلَّفت عند زوجها، فأصبح الملك قتيلًا وأصبح رأسه منصوبًا على باب دارها، فلما نظر إليه الناس عرفوا أن فعلتَها كانت حيلةً منها ومكيدة، فأعجبهم ذلك فمالوا إليها وقالوا: ما نعلم اليوم لك مِثلًا، إنك عمَدْتِ إلى ملك الأرض الذي كان يزني وأفسد نساءنا فقتلتيه بأهون أمركِ (٢)، وقد عجز عنه جميع مَن ترَينَ! فلا أحد أحقُّ بهذا الملك منك للَّذي سلف من آبائك، قالت: لولا ما خشيتُ عليَّ وعليكم من العار ما فعلتُ ذلك، ولا كان لي إلى ما في يديه حاجة.

فملَّكوها عليهم، فأمرتهم أن يصنعوا لها منزلًا فاخرًا لم يُصنع مثله لملك قط، فوصفت لهم عمله، فعمدوا إلى تلٍّ مشرِف (٣) من صفاءٍ صَلْد، فغرزوا على ظهره خمسَ مئة اسطوانة من رخام، نقروها حتى رسخت (٤) في الصفاء، طولُ كلِّ اسطوانة ثلاثون ذراعًا، وبين كلِّ اسطوانتين خمسة أذرع، ثم جعلوا من فوق الأسطوانة (٥) سطحًا من ألواح الرخام، وضموا بعضَه إلى بعضٍ حتى صارت كأنها لوحٌ واحد، ثم بنوا في السطح بيوتًا من رخام، وقبابًا من ذهب وفضةٍ مبوبةً بأبوابٍ مرصَّعة بالجوهر الملوَّن، ثم أحاطوا على السطح بحائطٍ باطنه من رخام وظاهره من نحاس، وله أربع


(١) في (أ): "سير".
(٢) بعدها في (ر): "منك".
(٣) في (أ): "إلى تلعة مشرفة".
(٤) في (ف) و (أ): "رسخن".
(٥) في (ف): "فوقها".