للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زوايا على كل زاوية قبةٌ من ذهب على رأس قبتها ياقوتةٌ حمراء تلتهب، فإذا طلعت الشمس سطع ضوء الياقوتة على القبة فبرَقت، ثم جُعل للقصر حين فرُغ منه أربعُ مَرَاقٍ عن يمينٍ وشمالٍ وشرقيٍّ وغربيٍّ، في كل مرقاةٍ مئةُ درجة من فضة، في أعلاها بابٌ مفضَّضٌ، وفي أسفلها بابٌ من نحاس، ثم جوِّف الصفاء فجُعل جوفه خزائنُ، وجوِّف بعض الأسطوانات حتى أفضى إلى السطح، فكان طريقًا إلى الخزائن التي تحت الصفاء، ثم بُني تحت كلِّ أسطوانةٍ مجلسٌ من رخام للحراس والقوَّاد.

ولم يكن في الأرض مَلِك بعد سليمانَ وذي القرنين وفرعونِ وموسى أكثرَ منها جنودًا، كان لها اثنا عشر قائدًا، يقودُ كلُّ واحد منهم اثني عشر ألفَ مقاتل، وكان تحت يدها أربعُ مئةِ ملك من أشراف اليمن، أمَّرت كلَّ واحد منهم على كُورة معلومة، وشرطت عليه أربعةَ آلاف مقاتل متى ما احتاجت.

فلما فرغوا من عمل قصرها -وهو عرشها العظيم- أمرت بالمدينة والحيطان والأرباض (١) فبُني ذلك كلُّه حول قصرها حتى صارت في وسط ذلك، فأشرف قصرُها على ما حوله (٢) حتى كان يُرى من مسيرة يوم، وكانت تكلِّم الناس من وراء الحجاب لا يُرى وجهها، فإذا وقعت حربٌ حسَرت لهم عن ذراعها.

قال وهب: فلما جاء الهدهد إلى سليمان بخبرهم كَتب إليها: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من سليمان بن داود نبي اللَّه إلى بلقيس، أما بعد: فإن كنتِ من الإنس فقد عُبدت لي، وإن كنتِ من الجن فقد سخِّرتِ لي، فأَقْبِلي إليَّ أنت وقومُك و {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}.


(١) في (ف): "والرياض". والأرباض: جمع ربض، وهو سور المدينة.
(٢) في (أ): "على تلها على ما حولها" بدل: "قصرها على ما حوله".