{فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ}: أي: هل لكم حاجةٌ إلى أن أُرشِدَكم إلى أهل بيتٍ يكفُلون بموسى يضمنون (١) إمساكَه ويضمُّونه إلى أنفسهم للتربية والإرضاع.
{لَكُمْ}: أي من أجلكم وبسببكم {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}؛ أي: للصبيِّ ناصحون لا يمنعونه ما ينفعُه في تربيته وغذائه لا يخونونكم فيه.
وقال وهب: قالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}؛ أي: ينصحون الملك في كفالته ويحرصون على مسرَّته؟ قالت لها آسية: نعم، قالت: إن حنَّةَ امرأةَ عمران قد ولدت غلامًا وأمر الملكُ بذبحه، وهي غزيرة اللبن طيبةُ النفس بأنْ تُرضع لكم هذا الغلامَ لحزنها على ابنها، فدلَّتهم على أم موسى، فبعث إليها فرعون، فلما دخلت عليه ناولها الابنَ فسكن بكاؤه، فلما وضعته في حِجرها ووجد ريحها الْتَقف ثديَها فرضع حتى رَوِي ونام، فمكث موسى عند أمه بعدما كفَلَتْه حتى فطمَتْه ثم ردَّته إليه.
وقوله تعالى:{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا}: فالمحبُّ لا تَقَرُّ عينه إلا بلقاء المحبوب {وَلَا تَحْزَنَ} بفراقه {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} عِلْمَ عِيَانٍ، فقد كانت علمَتْ ذلك علمَ خبر، وهو ما قال لها:{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ}.