للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال وهب: وكان من لُطف اللَّه أن عطَّف اللَّه فرعون على موسى، فنشأ (١) موسى في حجر فرعون وآسية يربِّيانه بأيديهما (٢) وقد اتَّخذاه ولدًا فأكرماه ونعَّماه، فبينا هو يلعب بين يدي فرعون يومًا وبيده قضيبٌ خفيف صغير يلعب به، إذ رفع القضيب فضرب رأس فرعون، فغضب فرعون وتطيَّر من ضربه، وقال لامرأته: ألَا تَرَيْن إلى هذا الغلام كيف تناولني بالقضيب، وقد كنتُ قلتُ لكم: إنه من الأعداء، فأراد قتله، فقالت امرأة فرعون: أيها الملك، لا تغضب ولا يشقَّنَّ عليك هذا، فإنه صبيٌّ صغير لا يَعقل شيئًا، وليس (٣) ينبغي لملكٍ أن يغضب من مثل هذا، فجربه إن شئت فاجعل في هذا الطست جمرةً وذهبًا فانظر إلى أيهما يقبض، فأمر فرعون بجمرةٍ وذهبٍ فوضعهما في طستٍ بين يدي موسى، فلما مد موسى يده ليقبض على الذهب قبض الملك الموكَّل به على يده فردها إلى الجمرة، فقبض عليها موسى فألقاها في فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها، فقالت آسية لفرعون لعنه اللَّه: ألم أقل لك إنه لا يعقل شيئًا؟ فكف عنه فرعون وصدَّقها وترك قتله، فيقال: إن العقدة التي كانت في لسانه أثر تلك الجمرة (٤)، وهي التي قال موسى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: ٢٧].

* * *


(١) في (ر): "فأقام".
(٢) "بأيديهما" ليست في (ف).
(٣) في (أ): "ولا".
(٤) قطعة من خبر طويل رواه الحاكم في "المستدرك" (٤٠٩٧) من طريق عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه عن وهب بن منبه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما موقوفًا. وعبد المنعم بن إدريس قال عنه أحمد بن حنبل كما في "الميزان": كان يكذب على وهب بن منبه، وقال البخاري: ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره.