للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الإيمان والكفر والإخلاص والنفاق، فكيف يتوهَّم هذا المنافق أنه يَخْفَى على المسلمين (١) ولا يُخبرهم اللَّه به وهو عالمٌ به؟ وهذا تهديدٌ لهم.

* * *

(١١) - {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}.

وقوله تعالى: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}: أي: وليمتحننَّ اللَّه الفريقين، وليُظهرنَّ إخلاصَ المخلِصين ونفاقَ المنافقين، وليُميِّزنَّ بين الفريقين ليَعْرفهم المؤمنون فيجازوهم على حسب استحقاقهم.

وقال عكرمة: كان ناسٌ بمكة قد شهدوا أنْ لا إلهَ إلا اللَّه، فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم فقُتلوا، [فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستغفَروا لهم] فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٧ - ٩٩] وكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة [أنْ لا عذر لهم]، فخرج ناسٌ من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون فأدركوهم، فمنهم مَن أعطى الفتنة طائعًا، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية، فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، فقال رجل من بني صخر لأهله: أخرِجوني إلى الرَّوحاء، وكان مريضًا، فأخرجوه حتى إذا كان ببعضِ الطريق مات، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [النساء: ١٠٠] ونزل في أولئك الذين كانوا (٢) لم يعطوا الفتنة: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} الآية [النحل: ١١٠] (٣).


(١) في (ف): "الناس".
(٢) "كانوا" من (أ).
(٣) رواه عن عكرمة الأزرقيُّ في "أخبار مكة" (٢/ ٢١٢)، ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" =