للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم في أول الآية: {مَنْ يَقُولُ} على التوحيد، وكذلك: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ} ثم قال: {لَيَقُولُنَّ} على الجمع؛ لأن (مَن) اسمُ جنس، فجاز توحيدُه لِلَفظه وجمعُه لمعناه.

وقيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه، وذلك أنه أسلم وهاجر إلى المدينة قبل هجرة رسول اللَّه، فحلفت أمُّه أن لا تقومَ من الشمس ولا تغسل رأسها (١) حتى يعود عياش كافرًا، وهي [أسماء] بنت مخرمة بن أبي جندل بن نهشل المخزومي، فخرج أخواه أبو جهل والحارث ابنا هشام على إثره إلى المدينة، فلم يزالا يفتلان منه في الغارب والسَّنام (٢) حتى ردَّاه، فأوثقاه، وضربه كلُّ واحد منهما مئة جلدة، وقالا له: أنت تزعم (٣) أن في دينك برَّ الوالدين وأن ربك بمكة والمدينة واحد، فرجعاه وآلَ أمرُه إلى أنْ كفَر (٤).


= (ص: ١٧٨ - ١٧٩)، وفيهما: (فقال رجل من بني بكر). ورواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٣٦٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٣٠٣٧)، من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وما بين معكوفتين منهما. وليس فيهما قصة رجل بني بكر.
(١) في (أ): "تغتسل"، بدل: "تغسل رأسها".
(٢) أي: ما زالا يُخادِعانه حتى لان، وهو على طريقِ ضَرْب المَثَل، ويقال فيه أيضًا: (في الذروة والغارب)، والذروة: أعلى السنام، الغارِب مُقدَّمُه، قال الأصمعي: يُقال: ما زال يفتل فِي ذروته -أي: يخادعه- حتى يُزِيله عن رَأْي هو عليه. وأصله: أنَّ مَن أراد أنْ يزُمَّ الصَّعبة من الجِمالِ فإنه يَرفُقُ بها، ويمسحُ غارِبها، ويَفتِلُ وَبَرَها، حتى تَستَأنِس به، فيُلقِيَ الزِّمامَ في مِخْطَمها. انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (٢/ ١٥٦)، و"مجمع الغرائب" للفارسي (مادة: غرب).
(٣) في (ر) و (ف): "تدعي".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٢٧٢) عن الكلبي ومقاتل، وهو في "تفسير مقاتل" (٣/ ٣٧٥)، وما بين معكوفتين منهما.