للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: خلق آباءكم؛ كما قال: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} [البقرة: ٧٢]؛ أي: قتل آباؤكم، ولأن الولد فرعُ الوالد فكان مخلوقًا مما خلق أصله.

وقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ}: أي: آدميون عقلاءُ ناطقون تتصرَّفون فيما فيه قِوامُ معاشكم، فلم يكن اللَّه ليخلقكم هكذا عبثًا، بل يتعبَّدكم بشكره ثم يجزي المحسنَ بإحسانه والمسيء على إساءته، فإذا تفرَّد بخلقكم فهو المنفردُ باستحقاق العبادة له.

* * *

(٢١) - {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}: أي: نساء تَزْدوِجون (١) معًا {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}؛ أي: لتكون نساؤكم سكَنًا لكم تطمئنون إلى معاشرتهنَّ وقضاء اللذات منهن.

وقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً}: أي: في الشباب (٢) وحالَ قيام الشهوة.

{وَرَحْمَةً}: أي: في حالة الكبر وقِدَم الصحبة يودُّ كلُّ واحدٍ من الزوجين صاحبَه حالَ شبابهما، ويرحمه ويعطف عليه حالَ كبرهما.

وقوله تعالى: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}؛ أي: من نطفة الرجال.

وقيل: أي: حواء خلقت من نفس آدم، والأولاد راجعون إلى الأصل.

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}: لأنه إذا تفكَّر بالعقل السليم


(١) في (أ): "تزوجون".
(٢) في (ر) و (ف): "النساء".