للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأن يسمُّوا المدَّعى (١) ابنًا، فانتظمت الآية هذه الثلاثة: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} وهو قول مجاهد وقتادة (٢).

وقال الحسن هذا تكذيبٌ لرجل كان يقول: إن لي قلبين: قلبٌ يأمرني بكذا وقلبٌ ينهاني عنه (٣).

وقيل: كان المنافقون مذبذبين، إذا لقوا المؤمنين قالوا: إنَّا معكم، وإذا خلَوا إلى شياطينهم قالوا: إنَّا معكم، فعوتب واحد منهم على ذلك فقال: لي قلبان؛ قلبٌ مع هؤلاء وقلبٌ مع هؤلاء، فردَّ اللَّه ذلك.

وقيل -وهو الأوجه والأوفق للنظم، ويتصل بقوله: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} -: إن معناه: أن طاعة الكافرين والمنافقين لا تجامع الإيمان باللَّه في قلب؛ كما تقول العرب: لا يجتمع سيفان في غِمْدٍ (٤)، ومجازه: أن الاعتقاد من أعمال (٥) القلب، فإذا كان قلبان لا يجتمعان في جوفٍ (٦)، فكذا اعتقادان متنافيان لا يجتمعان في قلب.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: الحكمة فيما لم يَجعل لواحدٍ قلبين وجعَل له سمعين وبصرين: أن الإدراك بالسمع والبصر يكون بالمشاهدة، فيخرج ذلك مخرجَ


(١) في (ف): "الدعي".
(٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٨)، وعن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣١١).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣١٢)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٧).
(٤) بعدها في (أ): "واحد".
(٥) في (ر): "عمل".
(٦) بعدها في (ر): "واحد".