للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المدَّثر وهي مكِّيّة، قال تعالى: {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: ٣١] وقال هاهنا (١): {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}.

ثم تلك مِن أوائل الوحي وفي حقِّ مشركي مكَّة، فكذا هذا.

وقيل: هو في حقِّ منافقي أهلِ المدينة مِن أهل الكتاب؛ بدليلِ أنَّه قال: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة: ٢٧] وهذه (٢) صفةُ المنافقين مِن أهل الكتاب؛ فقد قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: ١٥٥] ولأنَّ سورةَ البقرة مدنيَّة.

وقيل: يجوز أن يكون نزولُ الآية في الفريقين جميعًا؛ فقد سَبق ذكرُ الكفار والمنافقين في صدر السورة، وقال أيضًا في سورة المدَّثر: {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} وهم أهل النفاق، وقال: {وَالْكَافِرُونَ} وهم أهلُ الشرك.

ثم إنَّ اللَّه تعالى بيَّن أنَّه لا يَترك ضربَ المثل بقول المنافقين والكفار (٣)، فلا تَتركْ أنتَ قولَ الحقِّ بقول الفجَّار، وذكر أنَّه يَستحيي مِن إحراق النور بالنار، فاستحِ أنتَ مِن مخالفة الملِك الجبَّار.

وقوله تعالى: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا}؛ أي: يبيِّنَ، والضَّرْبُ في القرآن لمعانٍ:

للإيلام مِن غير خَدْشٍ ولا جَرحٍ: قال تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤].

وللضَّرْب مِن غير إيلامٍ: قال تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [الأعراف: ١٦٠].


(١) في (ر): "وأما هاهنا فقال".
(٢) في (ف): "وهذا".
(٣) في (أ): "ضرب المثل الحق بقول الكفار".