{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}: أي: من قبلِ حالة اليأس (١)، أو قبلَ يوم القيامة.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: أي: يرمون بالظن المغيَّب عنهم {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}؛ أي: يظنون أن إيمانهم في الآخرة أو حالةَ اليأس نافعٌ لهم؛ جهلًا منهم في الآخرة وحالةِ اليأس كما كانوا جاهلين في الدنيا وفي غير حالة اليأس فعمَّهم الجهل في الحالين.
وقيل:{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} هو ابتداء كلام في وصفهم في الدنيا، ومعناه: يرمون بالظن فيقولون: لا بعث ولا جزاء، وهو رجمٌ بالظنِّ من مكان بعيد، وهو أضعف ما يكون من الظنِّ لبُعد المكان عن الظانِّ.
وقيل: هذا البعد عن القلب، وقيل: عن العقل.
وقيل: هذا الظن البعيد منهم كان في القرآن وفي الرسول، فكانوا يصفون كلَّ واحد منهما بصفات مختلفة.
وقيل: هو الوصف منهم في الدنيا، لكنه متصل بالأول بإضمار: كانوا؛ أي: لا ينفعهم الإيمان لأنهم كفروا به من قبل وكانوا يقذفون بالغيب من مكان بعيد في الدنيا.
وقيل:{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}؛ أي: يرمون بالآخرة {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}؛ أي: يبعدون أمرها فلا يعتقدون كونَها، كما قال تعالى:{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ}[المؤمنون: ٣٦]، وهذا معنى قول الضحاك.
(١) في (ر) و (ف): "البأس" وكذا في المواضع الآتية كلها.