للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}؛ أي: يرمون آجالهم {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}؛ أي: يقدِّرونها بطولٍ فيسوِّفون بالتوبة، وهذا معنى قول عكرمة.

* * *

(٥٤) - {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.

وقوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}: أي: من الانتفاع بالإيمان والتوبة {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ}؛ أي: بالذين سابقوهم (١) على الكفر من الماضين، كان لا يقبل إيمانهم عند البأس، قال اللَّه تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} [غافر: ٨٤].

وقيل: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} حينئذ {وَبَيْنَ مَا} كانوا (٢) {يَشْتَهُونَ} وهو الأموال والأولاد والأسباب التي كانوا يتنعَّمون بها ويتعزَّزون (٣) في الدنيا بها، وهو كقوله تعالى: {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} الآية [الأنعام: ٩٤].

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}: أي: في شك من القرآن والرسول والإيمان والبعث، وكلُّ ذلك سبق ذكره.

وقوله تعالى: {مُرِيبٍ}؛ أي: مشكِّكٍ (٤)، وهو مبالغةٌ كقولهم: عَجَبٌ عجيب، وشتاءٌ شاتٍ، وليلةٌ ليلاء.


(١) في (ر): "شايعوهم".
(٢) "كانوا" ليست في (ف).
(٣) في (أ): "ويتغررون".
(٤) في (ف): "مشك".