للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: اسمه شمعان، وهو الذي قال اللَّه تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} (١).

وقال وهب: بعث عيسى صلوات اللَّه عليه يحيى ويونس إلى أنطاكية، فأتياها فلم يصلا إلى ملكها، وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكابراه وذكَّراه اللَّهَ تعالى، فغضب الملك وأمر بهما فأُخذا وحُبسا وجُلد كلُّ واحد منهما كذا جلدةً، ثم بعث عيسى شمعون على إثرهما لينصرَهما فدخل شمعونُ البلد متنكرًا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أَنِسوا به وأَنِس بهم، فرفعوا خبره إلى الملك، فدعاه ورضي عِشْرته وأَنِس به وأكرمه، ثم قال (٢) له ذات يوم: أيها الملك، بلغني أنك حبستَ رجلين في السجن وضربتَهما حين دعواك إلى غير دينك، فهل كلَّمْتَهما وسمعتَ قولهما، فقال الملك: حالَ الغضب بيني وبين ذلك، قال: فإن رأى الملك دعاهما حتى نطَّلع ما عندهما، فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: مَن أرسلكما إلى هاهنا؟ قالا: الذي خلق كلَّ شيء وليس له شريك، قال لهما شمعون: فصِفَاه وأوجِزَا، فقالا: إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، قال شمعون: وما آيتُكما؟ قالا: ما يتمناه الملك (٣)، قال: فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموسِ العينين، موضعُ عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان ربهما حتى انشقَّ موضع البصر، فأخذا بندقتين من طينٍ فوضعا في حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما، فتعجب الملك، فقال شمعون للملك: أرأيت أن تسأل إلهك حتى يصنع صنيعًا مثل هذا فيكونَ لك الشرف ولإلهك؟ فقال له الملك: ليس لي عنك سرٌّ إن إلهنا الذي نعبده لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، وكان شمعون إذا دخل الملك على الصنم يدخل بدخوله ويصلي كثيرًا


(١) الذي في "تفسير مقاتل" (٣/ ٥٧٥) هو عين ما نقله المؤلف عن وهب وابن إسحاق.
(٢) في (ف): "فقال"، وفي (ر): "قال".
(٣) في (أ) و (ف): "ما تتمناه".