للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويتضرع حتى ظنُّوا أنه على ملتهم، فقال للملك: أهاهنا مثلُ هذا الغلام مطموسِ العينين، فأمر حتى أُحضر مثلُ ذلك الغلام مطموس العينين (١)، فصنعا به مثلَ ما صنعا بالأول، ففرح الملك بذلك ثم قال لصاحبيه: إني سائلُكما مسألة، قالا هات، قال: إن قدر إلهكما الذي تعبدانه على إحياء ميتٍ آمنا به وبكما، قالا: إلهنا قادر على كلِّ شيء، فقال الملك: إن هاهنا ميتًا مات منذ سبعة أيام ابنٌ لدهقان (٢) وأنا أخَّرتُه فلم أدفنه حتى يرجع أبوه، وكان غائبًا، فجاؤوا بالميت وقد تغيَّر واصفر وأَرْوَح، فجعلا يدعوان ربهما علانيةً وجعل شمعون يدعو ربه سرًّا يُعِينهما، فقام الميت وقال لهم: إني ميت (٣) منذ سبعة أيام، ووجدتُ (٤) مشركًا فأدخلت في سبعة أودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمِنوا باللَّه، ثم قال: فُتحت أبواب السماء فنظرتُ فرأيتُ شابًّا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة. قال الملك: ومَن الثلاثة؟ قال: شمعون وهذان، وأشار إلى صاحبيه، فتعجَّب الملك، فلما علم شمعون أن قوله قد أثر في الملك أخبر الملك بالحال ودعاه، فآمَن قوم وكان الملك فيمَن آمَن، وكفر آخرون (٥)، فصاح فيهم جبريل عليه السلام صيحة فماتوا عن آخرهم، فذلك قوله: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ}.


(١) "مطموس العينين" من (أ).
(٢) في (أ): "ابن الدهقان"، وفي "تفسير الثعلبي": (ابنا لدهقان).
(٣) في (ف): "مت".
(٤) في (ر): "وقدمت"، والمثبت من باقي النسخ و"تفسير الثعلبي"، وليست الكلمة في "تفسير البغوي".
(٥) إلى هنا ذكره عن وهبٍ الثعلبيُّ في "تفسيره" (٨/ ١٢٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١١ - ١٢)، وهو مما أخذه وهب من أهل الكتاب. وزاد الثعلبي والبغوي بعده: وقال ابن إسحاق عن كعب ووهب: بل كفر الملك، وأجمع هو وقومه على قتل الرسل، فبلغ ذلك حبيبًا وهو على باب المدينة الأقصى، فجاء يسعى إليهم ويذكرهم ويدعوهم إلى طاعهَ المرسلين، فذلك قوله سبحانه: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ}.