وقولُه تعالى:{غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}: أي: لا يوجد فيه اختلاف ولا خطأ يخرُج به عن الحكمة والصحة لفظًا ومعنًى، وفي ذلك ما يدل على أنه مِن عند اللَّه تعالى، فوجب التذكُّر به، ولزِم تقوى اللَّه في أنْ يوقِع بهم ما توعَّدَهم به مِن العذاب.
وقولُه تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا}: أي: وصَفَ اللَّه شبَهًا للمشركين والموحِّدين، ولم يقل: مثلين، وإنْ ذكَر بعده رجلين؛ لأن ذِكْرهما جملةً مثَلٌ واحد، وهو كقوله:{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً}[المؤمنون: ٥٠]، ثم وصَفَ المثَل فقال:
{رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}: أي: رجلًا يخدِم جماعةً هم في خدمته لهم شُركاءُ مُتعاسرون مُتشاحُّون، كل واحد منهم يحب أنْ ينفرد به، ولا يُعجبه خِدمتُه لغيره، ولا إشراكه مَن سواه في طاعته وتعظيمه.
وقد شكِسَ شَكاسةً فهو شكِسٌ مِن حدِّ علِمَ، وهو صعب الخُلُق.
فهذا مثَلُ مَن عبد آلهة، فلا شكَّ أنَّ تلك آلهة لو كانت أحياءً، فرأى كل واحد منها حُسْن طاعة هذا العابد له، لأَحبَّ أنْ يُخلص خدمته له، وأنْ ينقطع بها وحده إليه (١)، فإذا لم يجد هذا منه نبَتْ نفْسُه عنه، فلم يصْفُ له قلبه، ولا شك أنه لو أفرد واحدًا منهم بالخدمة كان أَرْوَحَ له، وأرضى لمخدومه عنه، خصوصًا إذا كان في