للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: تُقارِبُ السماوات أنْ تتشقَّقْنَ فوق الأرَضين.

وقيل: {مِنْ فَوْقِهِنَّ}: أي: مِن أعلى سماءٍ منها (١)، فلا تبقى سماءٌ إلا وقد سقَطَتْ على الأخرى كالسَّقْفِ فوق السَّقْف؛ خَشْيةً للَّه لو كُنَّ يَعْقِلْنَ، وإجلالًا له، وانقطاعًا إليه بالرَّهْبة والرَّغْبة؛ كما قال: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: ٢١].

وقيل: تتشقَّقْنَ لِفَظاعةِ قولِ المشركين؛ كما قال: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (٢) [مريم: ٩٠ - ٩١].

وقيل: تتشقَّقْنَ لِكَثْرة ما على السماوات مِن الملائكة، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أطَّتِ (٣) السماء وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ، ما فيها موضِعُ قدَمٍ إلا وعليه ملَكٌ قائمٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ" (٤).

وقيل: تكاد السماوات يَنْفَطِرْنَ لقيام القيامة (٥) لِتعجيلِ عقابِ هؤلاء المشركين، فإنَّ انفطارَ السماء وانشِقاقَها لِقِيام يوم القيامة، قال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار: ١]، {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١].


(١) في (أ) و (ف): "فيها".
(٢) في (أ) و (ف): "ينفطرن".
(٣) الأطيط: صوت الأقتاب، وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها؛ أي: أن كثرة ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت، وهذا مثَل وإيذانٌ بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثَمَّ أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة اللَّه تعالى. انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (مادة: أطط).
(٤) رواه الترمذي (٢٣١٢) وحسنه، وابن ماجه (٤١٩٠)، والإمام أحمد في "مسنده" (٢١٥١٦)، والحاكم في "مستدركه" (٨٧٢٦) وصححه، من حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه.
ورواه البزار في "مسنده" (٣٢٠٨) من حديث حكيم بن حزام رضي اللَّه عنه، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (٢٥٥) من حديث العلاء بن سعد رضي اللَّه عنه، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ٢٦٩) من حديث أنس رضي اللَّه عنه، واللفظ له.
(٥) في (ر): "الساعة".