للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قولُه تعالى: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}: أي: أم يَدَّعون خَلْقَهما، فإذا لم يدَّعوا خَلْقَ البعضِ ولا خَلْقَ الكُلِّ، واعترَفوا بأنَّ خالقَ الكُلِّ هو اللَّهُ تعالى، فلِمَ امتناعُهم عن توحيدِه، ونَفْيِ الشُّرَكاءِ عنه؟

{بَلْ لَا يُوقِنُونَ}: أي: ليس تكذيبُهم الرُّسُلَ وجُحودُهم البعثَ عن دليلٍ يَتَيَقَّنون به.

وقيل: {بَلْ لَا يُوقِنُونَ} بوعيد اللَّهِ بتَرْكِ النَّظَر والإصرارِ على الكفر.

وقيل: أي: لا يجحدون البعثَ مُوقِنين باستحالتِه، بل شَاكِّينَ في كونه.

قولُه تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ}: قيل: أم يقولون: {عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} مِن عِلْمِ الغَيبِ، فعَلِموا بذلك أنه كاذبٌ، وأنَّ البعثَ غيرُ كائنٍ؟

وقال عكرمةُ: {خَزَائِنُ رَبِّكَ}: أي: النُّبُوَّةُ (١).

وقيل: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ}: مِن أرزاقِه وعَطائِه، فهُم يَمْلِكون الضُّرَّ والنَّفْعَ لأنفُسِهم ولغيرهم، فيستغنون بذلك عن ربهم؟

{أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}: أي: أم ليس شيءٌ مِن هذا بل هُم يتمرَّدون ويتسلَّطون عليكَ جهلًا؟

وقيل: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} فهُم المالِكون أرزاقَ العبادِ، أم هُم المُسَلَّطون على الناس، المالِكون تَصْرِيفَهم كيف أرادوا؟

أي: فإذا كانوا غيرَ مالِكين ذلك، بل يُقِرُّون أنَّ اللَّهَ مالِكُ ذلك كُلِّه، فهل يجوزُ أنْ يكونَ عاجزًا عن البعث، أو عاجزًا عن إبانة الصَّادقِ مِن الكاذب بالدليل؟


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٣١)، والواحدي في "البسيط" (٢٠/ ٥٠٦)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٣٩٢)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٨٠).