للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{نَزْلَةً أُخْرَى}: قيل: مَرَّةً أخرى، و {نَزْلَةً}: مَرَّةٌ مِن النزول؛ أي: نزَلَ بسِدْرَةِ المنتهى ليلةَ المعراج، فرآه بها على صورته.

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيتُه عند سِدْرةِ المنتهى، عليه سِتُّ مئةِ جَناحٍ، يتناثَرُ منها الدُّرُّ والياقوتُ" (١).

وسِدْرَةُ المُنْتَهى: شجرةُ نَبِقٍ، ولها حُسْنُ المَنْظَرِ، وطِيبُ الرائحةِ، وحلاوةُ الثَّمَرِ، وورقُها كآذانِ الفِيَلَةِ في الكِبَر، وثمَرُها كقِلالِ هَجَرٍ (٢)، وهي مقامُ جبريلَ، وأَمَّ فيها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ملائكةَ السماء في الوِتْر، فكان إمامَ الأنبياءِ في بيت المَقْدِس، وإمامَ الملائكةِ عند سِدْرَةِ المنتهى، فظهَرَ بذلك فَضْلُه على أهل الأرض والسماء.

وسُمِّيَتْ سِدْرَةَ المنتهى عند كعبٍ؛ لأنَّ رؤيةَ الملائكةِ تنتهي إليها، لا تَرى ملائكةُ السماوات ما فوقَها، وهي في السماء السابعة (٣).

وقال ابن مسعود والضحاك: ينتهي إليها ما يعرُجُ إلى السماء (٤).


(١) رؤيته له عليه سِتُّ مئهِ جَناحٍ متفق عليه، فقد رواه البخاري (٣٢٣٢)، ومسلم (١٧٤) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
والحديث بتمامه رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٣٩١٥)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (٥٣٦٠)، وابن خزيمة في "التوحيد" (٢/ ٥٠٠)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٣/ ٩٧٨) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه أيضًا.
(٢) هَجَر: قرية قريبة من المدينة، كانت تعمل بها القِلال، تأخذ الواحدة منها مزادة من الماء، سميت قلة لأنها تُقَلُّ؛ أي: ترفع وتحمل. انظر: "النهاية" لابن الأثير (مادة: قلل).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٣). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٤٢)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٩٥)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٣٠٦).
(٤) رواه عن ابن مسعود: مسلمٌ (١٧٣)، والترمذيُّ (٣٢٧٦)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٤).
ورواه عن الضحاك: الطبريُّ في "تفسيره" (٢٤/ ٢٠٩).