للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والباقون: {متمٌّ} بالتَّنوين {نُورَه} بالنَّصب (١)، يقول: قد أتمَّ نورَه للحال، ويُديمه في الاستقبال، حتى يعمَّ الآفاق، ويظهرَ في البلاد، ويهتدي به العباد.

{وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}: اليهود والنَّصارى وسائر الكفَّار.

* * *

(٩ - ١١) - {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى}: أي: بالرَّشاد {وَدِينِ الْحَقِّ} الذي لا يشوبُه باطلٌ من شرٍّ، أو تفريقٌ بينَ الرُّسل، أو تشبيهٌ ونحوه.

{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}: أي: ليُعلِيَه (٢) على الأديان كلِّها بالحُجج وبالغَلَبة، وعند نزول عيسى عليه السَّلام بألَّا يبقَى دينٌ غيرُه.

وقيل: {لِيُظْهِرَهُ}؛ أي: ليُطْلِعَ محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- على علم الدِّين كله، وهو كقوله: {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} [التحريم: ٣].

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}: هو استفهامٌ على معنى الحثِّ والعرض، كقولك: هل أنت ساكت؟ و: هل أنت آكلٌ معي؟

ولَمَّا نزلت هذه الآية لم ينزل معها ما بعدَها، وكانوا في شوقٍ إلى معرفتِه ليعملوا به، فبقُوا على ذلك ستَّة عشر شهرًا، ثم نزل:

{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية: وهو تفسيرُ تلك التِّجارة.


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٣٥)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٠).
(٢) في (ر): "ليغلبه".