للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحثُّ بمعنى الأمر، بدليل أنَّه قال في جوابه: {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالجزم، وتقديرُه: آمنوا به وبرسوله؛ أي: دُوموا عليه.

{وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}: أي: جاهدوا.

قوله تعالى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}: أي: أنفعُ لكم دينًا {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} التِّجارةَ وما فيها من الرِّبح والزِّيادة، وجعل هذا تجارةً كما جعلَه بيعًا وشراء في قوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} الآية [التوبة: ١١١]؛ لأنَّه بذلُ (١) الأنفس والأموال على عوضِ الجنَّة كالمعاوضات.

* * *

(١٢ - ١٣) - {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}: جزمَ -على قول الفرَّاء- بـ (هل) (٢)؛ لأنَّ فيه معنى الأمر على ما مرَّ.

وقال الزَّجَّاج: وهو جوابُ: {تُؤْمِنُونَ} و {وَتُجَاهِدُونَ} لأنَّهما في معنى: آمنوا وجاهدوا.

وقال: قولُ مَن قال: إنَّه جواب {هَلْ} غلطٌ؛ لأنَّهُ ليس إذا دلَّهم على ما ينفعُهم غفرَ اللَّه لهم، إنَّما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا (٣).

وقوله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا}: أي: ولكم خصلةٌ أخرى على جهادكم في الدُّنيا قبل المصير إلى الجنَّة، تحبُّون تلك الخصلة: {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ}: وهي نصرةٌ على الأعداء {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} لبلادهم.


(١) في (أ): "بذل له".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٥٤).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ١٦٦).