للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا}: أي: القرآن؛ ليستضاءَ به من ظُلمة الضَّلال، ويُهتدَى به لمصالح الدِّين؛ لئلا تذوقوا وبال أمركم، وفي الآخرة العذاب الأليم.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}: أي: عالم به يجازيكم عليه.

وقوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}: أي: ليوم القيامة؛ لجمع اللَّه فيه الأوَّلين والآخرين، الجنَّ والإنس، والحيوانات كلِّها.

وقيل: أي: يجمع أهل السَّماوات وأهل الأرض.

وقيل: أي: يجمع أهل الجنَّة وأهل النَّار.

وقيل: أي: يجمع الخصوم، فينصف للظَّالم من المظلوم (١)، ويقتصُّ للجمَّاء من القَرناء.

{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}: أي: يومُ تفاوت الأجزيَة، وذلك لأن أهل (٢) الجنَّة وأهل النَّار كِلا الفريقَيْن كانا في الدُّنيا متمكِّنَين من الأعمال، مُعطَين سلامة الآلات، فاستعملَ أحدُهما قوَّته فيما استجلبَ به الجنان، واستعملها الآخر فيما اكتسبَ به النِّيران، فغبَنَ الأوَّلُ الثَّاني، كما يخرج الرَّجلان في سفر لتجارةٍ، فيبيع أحدُهما بوكس وخسران، أو يشتري بماله ما يُطلب منه بنقصان، ويربح الآخر، فيقول الخاسر للرَّابح: لقد غبَنْتَني، فكانَ التَّغابن هو النَّظر أيُّهما المغبون وأيُّهما الغابن.

وقال أهل الرِّواية والنَّقل: ما مِن أحدٍ إلَّا وله منزلٌ في الجنَّة ومنزلٌ في النَّار (٣)،


(١) في (أ): "فينصف من الظالم المظلوم".
(٢) في (ر) و (ف): "وذلك لأهل".
(٣) يشير إلى حديث أنس رضي اللَّه عنه في سؤال الملكين، وفيه: "فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك اللَّه به مقعدًا من الجنة، فيراهما جميعًا". رواه البخاري (١٣٧٤)، ومسلم (٢٨٧٠).