للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ}: أمرٌ للشُّهود بإقامتها للَّه، لا للنَّاس؛ فإنَّها إذا كانت للنَّاس تُرِكَتْ في بعض الأحوال لرضًا أو غضبٍ، وإذا كانت للَّه أقيمَتْ على كلِّ حال (١).

{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: أي: إنَّما ينتفع به هؤلاء.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ}: فائتَمَرَ بأوامرِه وانتهى بنواهيه.

{يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}: أي: لا يَضيقُ عليه بتقواه أمرٌ كان يتَّسع عليه لو لم يتَّقِ.

* * *

(٣) - {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.

{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}: أي: إذا ترك شيئًا طاعةً للَّه عوَّضه اللَّه تعالى خيرًا منه من حيث لا يظنُّ.

وهذا في إقامة الشَّهادة، وفي مراعاة أحكام الطَّلاق، والإمساك بالمعروف، والتَّسريح بالإحسان، جميعًا.

وعن مسروق: {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} قال: هو أن يَعلم أنَّ اللَّه هو يرزقه، وهو يعطيه، وهو يمنعه (٢).

وقال قتادة: {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من شبهات الدُّنيا، والكَرْبِ عند الموت، والأفزاعِ يوم القيامة، {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} في الدُّنيا، فاتَّقوا اللَّه، فإنَّ فيها الرِّزق في الدُّنيا والثَّوابَ في الآخرة (٣).


(١) في (أ) و (ف): "أقيمت للوجه".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٦).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٦).