للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن كيسان: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} فيما أَمر به من طلاق السُّنَّة وحسنِ الصُّحبة {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} في الدِّين والدُّنيا {وَيَرْزُقْهُ} إن أطاع اللَّه في أمره أهلًا مكان أهل، ومالًا مكان مال، من حيث لا ينتظره.

وقال أبو بكر الورَّاق: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} في الائتمار بما أمره، والانزجار عمَّا زجره {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من عقوبة تاركي الأمر ومرتكبي النَّهي {وَيَرْزُقْهُ} الثَّواب والجنَّة (١) {مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} في الصَّبر على الرَّزايا والنَّوائب {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من عقوبة الجازعين {وَيَرْزُقْهُ} الأجر بغير حساب {مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} في الشُّكر على العطايا والمواهب {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من عقوبةِ مَن كفر النِّعمة {وَيَرْزُقْهُ} الزِّيادة {مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

{وَمَنْ يَتَّقِ} في الرِّضا بمحتوم قدره {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من عقوبة السَّاخطين {وَيَرْزُقْهُ} رضاه {مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

وقال الإمام القشيريُّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}: يُخرجْه من ظلمات تدبيره، وينقله إلى شهود تقديره، فجرَّده عن كلِّ شغل، وكفاه كلَّ أمر (٢).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}: أي: مَن فوَّض أمرَه إلى اللَّه، ووثقَ بما يدبِّره من الأحوال، فاللَّه حَسْبُهُ مدبِّرًا لأمره.

وفي ذلك ما يدعو إلى إقامة الشَّهادات للَّه، فلا يخافُ غيرَ اللَّه فيها.

وقيل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} وجانبَ معاصيَه، فله فيما يعطيه اللَّه تعالى في


(١) في (ف): "في الجنة".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٦٠٠).