للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ}: انقطع كلام الجنِّ، وهذا ابتداءُ كلام من اللَّه تعالى، يقول: لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}: قيل: عذبًا كثيرًا.

وقيل: نافعًا كثيرًا.

{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}: أي: لنمتحنهم فيه بالشُّكر؛ أي: لوسَّعنا عليهم في الدُّنيا، وبسطنا لهم في الرِّزق لنتعبَّدهم بالشُّكر فيه.

{وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ}: عن ذكر إنعامه {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا}؛ أي: يُدخلْه عذابًا شاقًّا شديدًا، وقد تصعَّد الشَّيء؛ أي: شقَّ.

وقيل: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ}؛ أي: عن وعظِ ربِّه فلم يقبله.

وقيل: أي: عن كتابه فلم يَتَّبِعْه.

والصَّعَد: نعتٌ على فَعَلٍ، كقولهم: نيةٌ قَذَفٌ؛ أي: بعيدة (١)، وأمرٌ كَثَبٌ (٢)؛ أي: قريب.

وقرأ عاصم وحمزة والكسائيُّ: {يَسْلُكْهُ} بياء المغايبة ردًّا على قوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} والباقون {نَسْلُكْهُ} بالنُّون (٣)؛ خبرًا من اللَّه تعالى عن نفسه بخطاب الملوك جمعًا.

وحمل قوله: {عَلَى الطَّرِيقَةِ}؛ أي: على الطَّريقة الحقِّ، وهي الإسلام، قول الضَّحَّاك وقتادة وعبيد بن عمير وعطيَّة وسعيد بن المسيب ومقاتل بن سليمان


(١) في (أ): "مسافة بعيدة"، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "ديوان الأدب" للفارابي (١/ ٢٢١). وقالوا: شطت بهم نيةٌ قذف؛ أي: رحلهَ بعيدة، وليس بمأخوذ من (نأيت) في اللفظ، ولكنه مثله في المعنى، قاله المبرد في "الكامل" (١/ ٧٠).
(٢) في النسخ: "كتب"، والصواب المثبت، والكَثَب بالتحريك: القرب.
(٣) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥٦)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٥).