للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويسبَحُ؛ أي: يسير؛ قال تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: ٣٣].

ويسبق بعضها بعضًا في الطُّلوع والغروب والسَّير.

وليس عن المتقدِّمين في المدبِّرات أنَّها النُّجوم، وحمَلها بعضُ المتأخرين عليها، على معنى السَّببيَّة، وأنَّ التَّدابير متعلِّقة بسيرها، من اللَّيل والنَّهار، وفصول السَّنة، والحرِّ والبرد، ونحو ذلك.

وقيل: (النَّازعاتُ غرقًا): القِسِيُّ؛ قاله عطاء، و (النَّاشطاتُ): الأوهاق (١)، و (السابحاتُ): السُّفن، و (السَّابقاتُ): الخيل. و (المدبِّراتُ): الملائكةُ. رواها واصل بن السَّائب عن عطاء (٢).

وكأنَّها قسمٌ بالمجاهدين في سبيل اللَّه، فهذه آلاتهم.

وقال سعيد بن المسيِّب: (النَّاشطاتُ) كلاب النَّار، تَنشِط أكفُّها وأظفارُها في أرواح الكفَّار، و (السَّابقاتُ): الملائكةُ يسبقون بأرواح الكفَّار إلى النَّار (٣).

واختلف في الذي يقع عليه القسم:

قال الفرَّاء: هو محذوفٌ، وهو: لتبعثُنَّ ولتحاسبُنَّ، بدلالة ما بعده (٤).


(١) جمع الوهق: الحبل الذي يطرح في أعناق الدواب حتى تُؤخَذ. انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (٢/ ٩٨٠).
(٢) رواه عنه من الطريق المذكور مقطعًا الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٩ و ٦١ و ٦٣ و ٦٤). ولم يذكر قوله في المدبرات، وذكره عنه الماتريدي في "تفسيره" (١٠/ ٤٠٤).
(٣) لم أجده، وقوله في الناشطات روى نحوه ابن مردويه كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٤٠٥) من حديث معاذ بن جبل رضي اللَّه عنه مرفوعًا، ولفظه: "لا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار؛ قال اللَّه: {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا}، أتدري ما هو؟ قلت: يا نبي اللَّه: ما هو؟ قال: كلابٌ في النَّار، تنشط العظم واللحم". وهو جزء من حديث طويل عن معاذ رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/ ١٥٩).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٣١).