للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إبله، فإذا لا خارج يخرج من باب حصنها ولا داخل يدخل فيها، فلمَّا رأى ذلك نزل عن ناقته وعَقَلَها، ثم استلَّ سيفَه ودخل من باب الحصن.

فلمَّا خلف (١) الحصن إذا هو ببابين عظيمين لم يُرَ في الدُّنيا شيءٌ أعظم منهما ولا أطول، وإذا خشبُهما محمَّرٌ، وفي ذينك البابين نجوم (٢) من ياقوت أبيض وياقوت أحمر تضيء ذينك البابين فيما بين الحصن والمدينة، فلمَّا رأى ذلك الرَّجل أعجبه وتعاظمه الأمر، ففتح أحد البابين ودخل، فإذا هو بمدينة لم يرَ الرَّاؤون مثلها قطُّ، فإذا هي قصور (٣) كلُّ قصر تحتَه أعمدة من زبرجد وياقوت، ومن فوق كلِّ قصر منها غرف، ومن فوق الغرف غرفٌ مبنيَّة بالذَّهب والفضَّة واللُّؤلؤ والياقوت والزَّبرجد، وكلُّ مصاريع تلك القصور وتلك الغرف مثل مصراعي باب المدينة، محمَّرٌ كلها مفصصةٌ بالياقوت الأبيض والياقوت الأحمر، مقابَل بعضها ببعض، يُنوَّر بعضُها من بعض، مفروشةٌ تلك القصور كلُّها باللُّؤلؤ وبنادق المسك والزَّعفران.

فلمَّا عاينَ الرَّجل ذلك، ولم يرَ فيها أحدًا، ولا أَثَرَ أحدٍ، وإنما هو شيءٌ مفروغ منه، لم يسكنه أحد، فهاله ذلك وأفزعه، ثم نظر إلى الأزقَّة، فإذا هو بشجرٍ في كلِّ زقاق منها قد أثمرت تلك الأشجار كلُّها، وإذا تحت الأشجار أنهار مطَّردة يجري ماؤها من قنوات من فضَّة، كلُّ قناة منها أشدُّ بياضًا من الشَّمس، تجري كل (٤) تلك القنوات تحت الأشجار.

فقال الرَّجل: والذي بعث محمَّدًا بالحقِّ، ما خلقَ اللَّهُ تعالى مثل هذه في الدُّنيا،


(١) "فلما خلف" كذا في النسخ و"العظمة"، وفي "الثعلبي": (فلما دخل في).
(٢) في (ر): "وفي ذينك البابين فما بين الحصن تخوم".
(٣) في (ف): "هو بقصور".
(٤) "كل" ليس في (أ) و (ف).