للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّ هذه الجنَّة التي وصفَها اللَّه تعالى، وما بقي ممَّا وصفه اللَّه تعالى شيء إلَّا وهو في هذه المدينة، وهذه (١) الجنَّة، الحمد للَّه الذي أدخلَنيها، فبينما هو على ذلك يؤامر نفسه [ويتدبَّر رأيه إذ دعته نفسه] (٢) أن يأخذ من لؤلؤها وياقوتها وزبرجدها، ثم يخرج حتى يأتي بلاده، ثم يرجع إليها، ففعل، فحمل معه من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزَّعفران، فلم يقدِرْ أن يقلَعَ من زبرجدها شيئًا ولا من ياقوتها؛ لأنَّها مثبَّتة في أبوابها وجدرانها، وكان ذلك اللّؤلؤ والبنادق والزَّعفران منثورًا في تلك القصور والغُرَف كلِّها، فأخذ ما أرادَ وخرج حتى أتى ناقتَه وحلَّ عقالها وركبها، ثم سار راجعًا يقفو أثر ناقته، حتى رجع إلى اليمن، وأظهر ما كان معه، وأعلم الناس أمرَه وما كان من قصَّته، وباع بعض تلك (٣) اللُّؤلؤ، وكان ذلك اللُّؤلؤ قد اصفارَّ وتغيَّر من طول كرور اللَّيالي والأيَّام (٤) عليها، فلم يزل أمر ذلك الرَّجل ينمي حتَّى بلغ ذلك (٥) أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، فأرسل رسولًا وكتب إلى صاحب صنعاء يأمره ببعث الرَّجل ليسأله عمَّا كان من أمرِه، فخرج به رسول معاوية من اليمن حتى قدم به الشام، وكان قد أمر (٦) صاحبُ صنعاء الرَّجلَ أن يأتي معاوية ويَخرج إليه ببعض ما جاء به من متاع تلك المدينة.

فسار الرَّجل ورسول معاوية معه حتى قدم على معاوية، فخلَا به يسائله عمَّا رأى، فقصَّ عليه أمر المدينة وما رأى فيها شيئًا فشيئًا، فأعظم ذلك معاويةُ، وأنكر ما


(١) "المدينة وهذه" ليس في (أ).
(٢) ما بين معكوفتين من "العظمة".
(٣) "تلك" من (أ).
(٤) في (أ): "كرور الزمان" وفي (ر): "كروب الليالي والأيام".
(٥) "ذلك" من (أ).
(٦) في (أ) و (ر): "وأمر" بدل: "وكان قد أمر".