للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عيون (١) مطَّردة، فقالوا: هذه صفة إرم التي أمرنا بها، فعمدوا فأخذوا بقدر الذي أمرهم من العرض والطُّول، ثم جعلوا ذلك حدودًا محدودة، ثم عمدوا إلى مواضع الأزقَّة التي فيها الحدود، فأجروا فيها قنواتٍ لتلك الأنهار، ثم وضعوا [الأساس] (٢) من صخور الجزَع اليماني، وجعلوا طين ذلك الأساس من مسكٍ وزعفران، فلمَّا فرغوا من الأساس، وأجروا من القنوات، أرسل الملوك إليهم بالزَّبرجد والياقوت واللُّؤلؤ والجواهر والذَّهب والفضَّة، وكلُّ مَلِكٍ عمل ما كان في معدنه، فمنهم مَن بعث بالعُمُد مفروغًا منها، ومنهم من بعث بالذَّهب والفضَّة مصوغًا مفروغًا منه، فأقاموا فيها حتى فرغوا من بنائها في ثلاث مئة سنة، وكان عمره تسعَ مئة سنة، ولَمَّا أتَوه وأخبروه بفراغهم من بنائها (٣) قال: انطلقوا فاجعلوا عليها حصنًا، واجعلوا حوالي (٤) الحصن ألف قصر، عند كلِّ قصر ألفُ عَلَم، يكون في كلِّ قصر من تلك القصور وزرائي، ويكون فوق كلِّ علَم منها ناطور.

قال: فرجعوا فعملوا تلك القصور والأعلام والحُصُن، ثم أتوه وأخبروه بالفراغ ممَّا أمرهم به، فأمر ألف وزير من أهل خاصَّته ومَن يثق به أن يتهيَّؤوا للنّقْلة إلى إرم ذات العماد، فأمر لتلك الأعلام برجال ليَسكنوها ويقيموا فيها ليلهم ونهارهم، وأمر لهم بالعطايا والأرزاق والجهاز إلى تلك الأعلام، وأمر مَن أراد من نسائه وخدمه بالجهاز إلى إرم ذات العماد، وأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين، فسار إليها الملك فيمَن أراد، وخلَّف من قومة في عدن أبين والشَّجر أكثر ممَّا سار به.


(١) في (أ): "فإذا هم"، وفي (ف): "فإذا هم بعيون"، بدل: "ذات عيون".
(٢) ما بين معكوفتين من "العظمة"، وعند الثعلبي: (أساسها).
(٣) في (أ) و (ف): "منها".
(٤) في (أ): "حول".