للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلمَّا استقلَّ وسار اليها ليسكنها وبلغها إلَّا مسيرةَ يوم وليلة، بعثَ اللَّهُ تعالى عليه وعلى من كان معه صيحة من السَّماء فأهلكتهم جميعًا، ولم يبقَ منهم أحدٌ، ولم يدخل هو إرمَ ولا مَن كان معه، ولم يقدر على [أن يدخلها] (١) أحد منهم حتى السَّاعة.

فهذه صفة إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك هذا يا أمير المؤمنين، ويَرى ما فيها، ويحدِّثُ بما فيها، ولا يُصدَّق.

قال: نعم يا أبا إسحاق، وهل تصفُه لنا؟

قال: نعم، هو رجل أحمر أشقر قصير، على حاجبه خال، وعلى عنقه خال، يخرج ذلك الرَّجل في طلب إبل له في تلك الصَّحارى، فيقع على إرم ذات العماد، فيدخلها ويحمل ممَّا (٢) فيها، والرَّجل جالسٌ عندك يا أمير المؤمنين، فالتفَتَ فرأى الرَّجل. فقال: هذا ذاك الرَّجل، قد دخلَها، فسَلْه عمَّا حدَّثتك به.

فقال معاوية رضي اللَّه عنه: يا أبا إسحاق، إنَّ هذا من خدمي ولم يبارحني.

فقال: قد دخلَها، وإلَّا فسيدخُلها، وسيدخلها أهل هذا الدِّين في آخر الزَّمان.

فقال معاوية: لقد فضلَكَ اللَّهُ يا أبا إسحاق على غيرك من العلماء، ولقد أُعطيْتَ من علم الأوَّلين والآخرين مالم يُعْطَ أحدٌ.

قال كعب رضي اللَّه عنه: والذي نفسُ كعبٍ بيده، ما خلقَ اللَّه شيئًا إلَّا فسَّره في التَّوراة لعبده موسى عليه السلام مفسَّرًا (٣).


(١) ما بين معكوفتين من "العظمة"، ووقع في النسخ: "يقدروا" بدل: (يقدر).
(٢) في (ف): "ويرى ما" بدل: "ويحمل مما".
(٣) هنا آخر الخبر.