للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}: وهو (١) تعجيبٌ آخرُ أيضًا: أرأيتَ إن كان الناهي عن الصلاة مكذِّبًا بالحق (٢) متولِّيًا عنه غيرَ قابلٍ له، أيَصْلُح له هذا؟ وهذا (٣) أمر منعكس، وهو أن يأمر ضالٌّ مهتديًا بترك هداه (٤)، فعجَّب اللَّه عباده من أبي جهل في منع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة من ثلاثةِ أوجهٍ، و {أَرَأَيْتَ} كلمةُ تعجيب.

وقيل: معناه: أرأيت مَن فعل هذا، ما يكون حاله عند اللَّه، وما يستحِقُّ على سوء فعله من العذاب؟

{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}: وهذا وعيدٌ لأبي جهل؛ أي: ألم يعلم أن اللَّه يرى فعله ويسمعُ قوله فيجازيه على قوله وفعله.

وقيل: لما قال أبو جهل لعنه اللَّه: لأطأن رقبةَ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إن رأيتُه يصلي، فقال اللَّه تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ} أبو جهل {بِأَنَّ اللَّهَ} يراه حينئذ فيَحُول بينه وبينه.

قال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: قال أبو جهل للمشركين: هل يعفِّر محمد وجهه بين أصحابه، قالوا: نعم، فقال: والذي يُحلف به لئن رأيتُه يصلي لأطأنَّ رقبته، فقيل: هو في المسجد ساجدٌ، فأقبل مسرعًا ليطأ رقبته، فما لَبِثَ إن نكص (٥) على عقبيه، فقيل له: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه خندقًا من نار! فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيات (٦).


(١) في (ف): "وهذا".
(٢) في (ر): "للحق".
(٣) في (أ): "وهو".
(٤) في (ر) و (ف): "بترك هذا".
(٥) في (ر): "تنكص".
(٦) رواه مسلم (٢٧٩٧).