للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشيبان، والذّرى والذّروة (١) الشيب، قال: وهذا أصل الحرف، ثم استعير للمنكبين، والأليتين، والطرفين من كل شيء، قال أمية بن أبى عائذ الهذلىّ يذكر قوسا:

على عجس هتّافة المذروي ... ن زوراء مضجعة فى الشّمال (٢)

أراد قوسا ينبض (٣) طرفاها. قال: فلا معنى لوصف الرجل الّذي ذكره الحسن بأنه يحرك أليتيه؛ ولا من شأن من

يبذخ (٤) ويتيه على نفسه ويقول: ها أنا ذا فاعرفونى أن يحرّك أليتيه؛ وإنما أراد أنه يضرب عطفيه، وهذا مما يوصف به المرح المختال، وربما قالوا: جاءنا ينفض مذرويه، إذا تهدّد وتوعّد، لأنه إذ تكلم وحرّك رأسه نفض قرون فوديه، وهما مذ رواه.

قال سيدنا الشريف الأجل المرتضى أدام الله علوّه: ليس الّذي ذكره أبو عبيد ببعيد، لأن من شأن المختال الّذي يزهى بنفسه أن يهتزّ ويتثنى، فتتحرك أعطافه وأعضاؤه؛ ومذ رواه من جملة ما يهتزّ ويتحرّك، لأنّهما بارزان من جسمه، فيظهر فيهما الاهتزاز، وإنما خصّ المذروان (٥) بالذّكر مع أن غيرهما يتحرك أيضا، على طريق التقبيح على هذا المختال والتهجين لفعله. وقول ابن قتيبة ليس من شأن من يبذخ أن يحرّك أليتيه ليس بشيء، لأن الأغلب من شأن المختال البذّاخ الاهتزاز وتحريك الأعطاف؛ على أن هذا يلزمه فيما قاله، لأنه ليس


(١) حواشى الأصل، ت، ف: العجب من ابن قتيبة كيف خلط المهموز بالمعتل، وإنما هو الذرأ بالهمز شيب مقدم الرأس، وقد ذرئ يذرأ، ورجل أذرأ وامرأة ذرآء؛ وهى الذرءة، وأعجب من ذلك أنه ذكره فى إصلاح غلط أبى عبيد». وفى حاشية ف أيضا: «الذرأ: هو شيب مقدم الرأس؛ وهو مهموز لا غير، وأصل المذروين ينبغى أن يكون من ذرو الريح، وقد صح أنه إذا كان بمعنى الشيب كان ذرأ، مهموزا، فلو كان من الذرءة التى هى الشيب لكان مذرأين».
(٢) ديوان الهذليين ٢: ١٨٥. والعجس: مقبض القوس، وهتافة المذروين؛ أى لطرفيها صوت نبض، وزوراء: معوجة.
(٣) الإنباض: التصويت.
(٤) حاشية الأصل (من نسخة): «يتبذخ».
(٥) ش: «خص المذروين».