للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من شأن كل متوعّد أن يحرّك رأسه، وينفض مذرويه؛ فإذا قال: إن ذلك فى الأكثر قيل له مثله.

وكان الحسن يقول: «يا ابن آدم، جمعا جمعا، سرطا سرطا (١)، جمعا فى وعاء، وشدّا فى وكاء، وركوب الذّلول، ولبس اللّيّن؛ حتى قيل مات، فأفضى والله إلى الآخرة، فطال حسابه».

وكان يقول: «مسكين (٢) ابن آدم، مكتوم الأجل، مكنون العلل؛ أسير جوع، صريع شبع، إنّ من تؤلمه البقّة، وتقتله الشّرقة، لبادى الضّعف، فريسة الحتف».

وكان يقول: «ما أطال أحد الأمل، إلا أساء العمل».

وكتب إلى عمر بن عبد العزيز: «أما بعد، فإن طول البقاء إلى فناء، فخذ من فنائك الّذي لا يبقى، لبقائك الّذي لا يفنى، والسلام».

وكان يقول: «إذا رأيت رجلا ينافس فى الدنيا فنافسه فى الآخرة». وسأله رجل:

ما حالك؟ فقال: بأشدّ حال، ما حال من أصبح وأمسى ينتظر الموت، ولا يدرى ما يفعل الله به! ! .

/ وكان يقول: «يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكّل بك ملكان كريمان، يكتبان عملك فأملل ما شئت، وأكثر وأقلل». وفى خبر آخر: «وكّل بك ملكان كريمان، ريقك مدادهما، ولسانك قلمهما».

روى أبو بكر الهذلىّ قال: لما وفد (٣) عمر بن هبيرة واليا على العراق نزل واسطا، فبعث


(١) السرط: البلع.
(٢) حواشى الأصل، ت. ف: يجوز: «مسكين ابن آدم»، ويكون قد حذف التنوين لالتقاء الساكنين؛ من باب قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، وقول الشاعر:
عمرو الّذي هشم الثّريد لقومه ... ورجال مكّة مسنتون عجاف.
(٣) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «قدم».