للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (١)

فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

فقلت: أراد تفضيله على الملوك، فقال: صدقت، ولكن فى الشعر خبء (٢)، وهو أنه اعتذر إلى النعمان من ذهابه إلى آل جفنة إلى الشام، ومدحه لهم، وقال: إنما فعلت هذا لجفائك بى، فإذا صلحت لى لم أرد غيرك، كما أنّ من أضاءت له الشمس لم يحتج إلى ضوء الكواكب؛ فأتى بمعنيين: بهذا، وبتفضيله، قال: فاستحسنت ذلك منه.

وكان إبراهيم بن العباس من أصدق الناس لأحمد بن أبى دؤاد، فعتب على ابنه أبى الوليد من شيء قدّمه، ومدح أباه وأحسن فى التخلّص كلّ الإحسان فقال:

عفّت مساو تبدّت منك واضحة ... على محاسن بقّاها أبوك لكا (٣)

لئن تقدّم أبناء الكرام به ... لقد تقدّم أبناء اللّئام بكا

ولإبراهيم:

تمرّ الصّبا صفحا بساكن ذى الغضا ... ويصدع قلبى أن يهبّ هبوبها (٤)

قريبة عهد بالحبيب وإنما ... هوى كلّ نفس حيث كان حبيبها

تطلّع من نفسى إليك نوازع ... عوارف أنّ اليأس منك نصيبها

وأخذ هذا من قول ذى الرّمة:

إذا هبّت الأرواح من نحو جانب ... به آل ميّ هاج شوقى هبوبها (٥)

هوى تذرف العينان منه، وإنما ... هوى كلّ نفس حيث كان حبيبها

ولإبراهيم:

دنت بأناس عن تناء زيارة ... وشطّ بليلى عن دنوّ مزارها (٦)

وإنّ مقيمات بمنقطع اللّوى ... لأقرب من ليلى وهاتيك دارها


(١) ديوانه: ١٣.
(٢) الخبء: ما خبئ واستتر، كالخبئ.
(٣) ديوانه: ١٦٢.
(٤) ديوانه: ١٣٩.
(٥) ديوانه: ٦٥ - ٦٦.
(٦) ديوانه: ١٤٥، وفى حاشية الأصل: «يروى البيتان لمحمد بن عبد الملك الزيات».