فقل لهشام والّذين تجمّعوا ... بدابق موتوا لا سلمتم يد الدّهر فأنتم أخذتم حتفكم بأكفّكم ... كباحثة عن مدية وهى لا ندرى عشيّة بايعتم إماما مخالفا ... له شجن بين المدينة والحجر فأجابه بعض ولد مروان عن هشام بن عبد الملك: لئن كان ما تدعو إليه هو الرّدى ... فما أنت فيه ذا غناء ولا وفر فأنت من الرّيش الذّنابى ولم تكن ... من الجزلة الأولى ولا وسط الظّهر ونحن كفيناك الأمور كما كفى ... أبونا أباك الأمر فى سالف الدّهر قال القاضى: قول عبد الرحمن بن عبد الحكم فى شعره هذا: «بدابق»، فلم يصرفه، وفى صرفه وترك صرفه وجهان معروفان فى كلام العرب، والعرب تذكره وتؤنثه؛ فمن ذكره صرفه؛ كما قال الشاعر: * بدابق وأين منّى دابق* ومن أنثه لم يصرف؛ كما قال الآخر: لقد خاب قوم قلّدوك أمورهم ... بدابق إذ قيل العدوّ قريب وقوله: * كباحثة عن حتفها وهى لا تدرى* هذا مثل يضرب للذى يثير بجهله ما يؤديه إلى هلاكه، أو الإضرار به، وأصله أن ناسا أخذوا شاة ليست لهم، فأرادوا أكلها فلم يجدوا ما يذبحونها به؛ فهموا بتخليتها فاضطربت عليهم، ولم تزل تثير الأرض وتبعثرها بقوائمها؛ فظهر لهم فيما احتفرته مدية فذبحوها بها، وصارت هذه القصة مثلا سائرا. وقول المروانى: «وأنت من الريش الذنابى» يقال: ذنب الفرس وغيره، وذنابى الطائر، وذنابى الوادى وذنابته، ومذنب النهر».