للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَبُ الْخِلَافِ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الثَّابِتُ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي " فَإِذَا كَانَ فِي وَتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صِلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ» فَأَخَذَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ، وَأَخَذَ بِالثَّانِي مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إِذَا سَجَدَ، هَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، أَوْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ؟ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَضْعُ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ حُجْرٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ يَكُونُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ: الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ وَنَقَصَهُ السُّجُودُ عَلَى عُضْوٍ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ; لِأَنَّ اسْمَ السُّجُودِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْوَجْهَ فَقَطْ، وَقَالَ قَوْمٌ: تَبْطُلُ إِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى السَّبْعَةِ الْأَعْضَاءِ لِلْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ فَقَدْ سَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ جَازَ، وَإِنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ لَمْ يَجُزْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>