الْأَبْعَدَ، فَإِنِ اسْتَوَوْا حَجَبَ مِنْهُمْ مَنْ يُدْلِي مِنْهُمْ إِلَى الْمَيِّتِ بِسَبَبَيْنِ مَنْ يُدْلِي بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، أَعْنِي: أَنَّهُ يُحْجَبُ الْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِأَبٍ وَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخُو الْأَبِ لِأَبٍ فَقَطْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ الشَّقَائِقَ وَالْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَحْجُبُونَ الْأَعْمَامَ ; لِأَنَّ الْإِخْوَةَ بَنُو أَبِ الْمُتَوَفَّى، وَالْأَعْمَامَ بَنُو جَدِّهِ، وَالْأَبْنَاءُ يَحْجُبُونَ بَنِيهِمْ، وَالْآبَاءُ أَجْدَادُهُمْ، وَالْبَنُونَ وَبَنُوهُمْ يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ، وَالْجَدُّ يَحْجُبُ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الْأَجْدَادِ بِإِجْمَاعٍ، وَالْأَبُ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَيَحْجُبُ مَنْ تَحْجُبُهُ الْإِخْوَةُ، وَالْجَدُّ يَحْجُبُ الْأَعْمَامَ بِإِجْمَاعٍ وَالْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ، وَيَحْجُبُ بَنُو الْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ بَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ، وَالْبَنَاتِ وَبَنَاتُ الْبَنِينَ يَحْجُبْنَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَرَكَ ابْنَيْ عَمِّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِلْأُمِّ، فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: لِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ وَهُوَ فِي بَاقِي الْمَالِ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الْآخَرِ عَصَبَةٌ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ قَوْمٌ: الْمَالُ كُلُّهُ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ يَأْخُذُ سُدُسَهُ بِالْأُخُوَّةِ وَبَقِيَّتَهُ بِالتَّعْصِيبِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَدْلَى بِسَبَبَيْنِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ دَاوُدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالطَّبَرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ.
[حُكْمُ الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفَرَائِضِ]
; وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَوِي الْفَرَائِضِ إِذَا بَقِيَتْ مِنَ الْمَالِ فَضْلَةٌ لَمْ تَسْتَوْفِهَا الْفَرَائِضُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُعَصِّبُ، فَكَانَ زَيْدٌ لَا يَقُولُ بِالرَّدِّ وَيَجْعَلُ الْفَاضِلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ جُلُّ الصَّحَابَةِ بِالرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفَرَائِضِ مَا عَدَا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْعِرَاقِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ.
وَأَجْمَعَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ يَكُونُ لَهُمْ بِقَدْرِ سِهَامِهِمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ نِصْفٌ أَخَذَ النِّصْفَ مِمَّا بَقِيَ، وَهَكَذَا فِي جُزْءٍ جُزْءٍ.
وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ قَرَابَةَ الدِّينِ وَالنَّسَبِ أَوْلَى مِنْ قَرَابَةِ الدِّينِ فَقَطْ، أَيْ: أَنَّ هَؤُلَاءِ اجْتَمَعَ لَهُمْ سَبَبَانِ وَلِلْمُسْلِمِينَ سَبَبٌ وَاحِدٌ.
وَهُنَاكَ مَسَائِلُ مَشْهُورَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهَا تَعَلُّقٌ بِأَسْبَابِ الْمَوَارِيثِ يَجِبُ أَنْ نَذْكُرَهَا هُنَا.
فَمِنْهَا، أَنَّهُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] ، وَلِمَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» .
[هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ أَوِ الْمُرْتَدَّ]
وَاخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ، وَفِي مِيرَاثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute