عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكَحَ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ» . خَرَّجَهُ أَهْلُ الصِّحَاحِ، إِلَّا أَنَّهُ عَارَضَتْهُ آثَارٌ كَثِيرَةٌ «. عَنْ مَيْمُونَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ» . رَوَيْتُ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ مَوْلَاهَا، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ الْأَصَمِّ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ الْوَاحِدُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَالثَّانِي عَلَى الْجَوَازِ. فَهَذِهِ هِيَ مَشْهُورَاتُ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
وَأَمَّا مَتَى يَحِلُّ فَسَنَذْكُرُهُ عِنْدَ ذَكْرِنَا أَفْعَالَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَحِلُّ إِذَا طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَاجِّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ. وَإِذْ قَدْ قُلْنَا فِي تُرُوكِ الْمُحْرِمِ فَلْنَقُلْ فِي أَفْعَالِهِ.
[الْقَوْلُ فِي أَنْوَاعِ هَذَا النُّسُكِ]
ِ وَالْمُحْرِمُونَ إِمَّا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، أَوْ مُحْرِمٌ بِحَجٍّ فَرْدٍ، أَوْ جَامِعٍ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهَذَانِ ضَرْبَانِ: إِمَّا مُتَمَتِّعٌ، وَإِمَّا قَارِنٌ. فَيَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ نُجَرِّدَ أَصْنَافَ هَذِهِ الْمَنَاسِكِ الثَّلَاثَ، ثُمَّ نَقُولُ مَا يَفْعَلُ الْمُحْرِمُ فِي كُلِّهَا، وَمَا يَخُصُّ وَاحِدًا وَاحِدًا مِنْهَا إِنْ كَانَ هُنَالِكَ مَا يَخُصُّ، وَكَذَلِكَ نَفْعَلُ فِيمَا بَعْدَ الْإِحْرَامُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْقَوْلُ فِي شَرْحِ أَنْوَاعِ هَذِهِ الْمَنَاسِكِ فَنَقُولُ: إِنَّ الْإِفْرَادَ هُوَ مَا يَتَعَرَّى عَنْ صِفَاتِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نَبْدَأَ أَوَّلًا بِصِفَةِ التَّمَتُّعِ، ثُمَّ نُرْدِفُ ذَلِكَ بِصِفَةِ الْقِرَانِ.
الْقَوْلُ فِي التَّمَتُّعِ
فَنَقُولُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ النُّسُكِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] هُوَ أَنْ يُهِلَّ الرَّجُلُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَسْكَنُهُ خَارِجًا عَنِ الْحَرَمِ، ثُمَّ يَأْتِي حَتَّى يَصِلَ الْبَيْتَ فَيَطُوفَ لِعُمْرَتِهِ وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ فِي تِلْكَ الْأَشْهُرِ بِعَيْنِهَا. ثُمَّ يُحِلَّ بِمَكَّةَ، ثُمَّ يُنْشِئُ الْحَجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بِعَيْنِهِ. وَفِي تِلْكَ الْأَشْهُرِ بِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَإِنْ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ وَلَمْ يَحُجَّ ; أَيْ عَلَيْهِ هَدْيُ الْمُتَمَتِّعِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute