للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النَّوَافِلِ]

ِ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّوَافِلِ هَلْ تُثَنَّى أَوْ تُرَبَّعَ أَوْ تُثَلَّثُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: صَلَاةُ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ شَاءَ ثَنَّى أَوْ ثَلَّثَ أَوْ رَبَّعَ أَوْ سَدَّسَ أَوْ ثَمَّنَ دُونَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ النَّهَارِ فَقَالُوا: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَصَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعٌ.

وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: " صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» . وَثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ» . فَمَنْ أَخَذَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» .

وَثَبَتَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ، وَقَدْ وَصَفَتْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» . وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» . وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ» . فَمَنْ أَخَذَ أَيْضًا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَوَّزَ التَّنَفُّلَ بِالْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ دُونَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِوَاحِدَةٍ، وَأَحْسَبُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا شَاذًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>