للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مِقْدَارِ مَا يُوضَعُ مِنْهُ فِيهِ]

الْفَصْلُ الثَّالِثُ.

فِي مِقْدَارِ مَا يُوضَعُ مِنْهُ فِيهِ وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْجَائِحَةُ: أَمَّا فِي الثِّمَارِ: فَالثُّلُثُ، وَأَمَّا فِي الْبُقُولِ: فَقِيلَ: فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَقِيلَ: فِي الثُّلُثِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ الثلُثَ بِالْكَيْلِ، وَأَشْهَبُ يَعْتَبِرُ الثُّلُثَ فِي الْقِيمَةِ، فَإِذَا ذَهَبَ مِنَ الثَّمَرِ عِنْدَ أَشْهَبَ مَا قِيمَتُهُ الثُّلْثُ مِنَ الْكَيْلِ وَضَعَ عَنْهُ الثُّلُثَ مِنَ الثَّمَنِ، وَسَوَاءٌ أكَانَ ثُلُثًا فِي الْكَيْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنَّهُ إِذَا ذَهَبَ مِنَ الثَّمَرِ الثُّلُثُ مِنَ الْكَيْلِ، فَإِنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا لَيْسَ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ بُطُونِهِ حَطَّ عَنْهُ مِنَ الثَّمَنِ الثُّلُثَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةَ الْقِيَمِ، أَوْ كَانَ بُطُونًا مُخْتَلِفَةَ الْقِيَمِ أَيْضًا اعْتَبَرَ قِيمَةَ ذَلِكَ الثُّلُثَ الذَّاهِبَ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ، فَمَا كَانَ قَدْرَهُ حَطَّ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الثَّمَنِ، فَفِي مَوْضِعٍ يَعْتَبِرُ الْمَكِيلَةَ فَقَطْ; حَيْثُ تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ فِي أَجْزَاءِ الثَّمَرَةِ وَبُطُونِهَا وَفِي مَوْضِعٍ يَعْتَبِرُ الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا حَيْثُ تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ.

وَالْمَالِكِيَّةُ يَحْتَجُّونَ فِي مَصِيرِهِمْ إِلَى التَّقْدِيرِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ; وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ الْقَلِيلَ فِي هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ حُكْمِ الْعَادَةِ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْكَثِيرَ; إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْقَلِيلَ يَذْهَبُ مِنْ كُلِّ ثَمَرٍ، فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بِالْعَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالنُّطْقِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَائِحَةَ الَّتِي عُلِّقَ الْحُكْمُ بِهَا تَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

قَالُوا: وَإِذَا وَجَبَ الْفَرْقُ وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ; إِذْ قَدِ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ يَضْطَرِبُ فِي هَذَا الْأَصْلِ، فَمَرَّةً يَجْعَلُ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ كَجَعْلِهِ إِيَّاهُ هَاهُنَا، وَمَرَّةً يَجْعَلُهُ فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ وَلَمْ يَضْطَرِبْ فِي أَنَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالْمُقَدَّرَاتُ يَعْسُرُ إِثْبَاتُهَا بِالْقِيَاسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ قُلْتُ بِالْجَائِحَةِ لَقُلْتُ فِيهَا بِالْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ، وَكَوْنُ الثُّلُثِ فَرْقًا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ هُوَ نَصٌّ فِي الْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الثُّلُثُ، وَالثُّلْثُ كَثِيرٌ» .

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ]

الْفَصْلُ الرَّابِعُ.

فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ وَأَمَّا زَمَانُ الْقَضَاءِ بِالْجَائِحَةِ، فَاتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى تَبْقِيَةِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ حَيْثُ يَسْتَوْفِي طِيبَهُ.

وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَبْقَاهُ الْمُشْتَرِي فِي الثِّمَارِ لِيَبِيعَهُ عَلَى النَّضَارَةِ، وَشَيْئًا شَيْئًا: فَقِيلَ: فِيهِ الْجَائِحَةُ تَشْبِيهًا بِالزَّمَانِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَيْسَ فِيهِ جَائِحَةٌ تَفْرِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّمَانِ الْمُتَّفَقِ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِالْجَائِحَةِ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الزَّمَانَ يُشْبِهُ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ وَيُخَالِفُهُ مِنْ جِهَةٍ; فَمَنْ غَلَّبَ الِاتِّفَاقَ أَوْجَبَ فِيهِ الْجَائِحَةَ; وَمَنْ غَلَّبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>