للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْغَصْبِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي ضَّمَانِ المغصوب]

ِ وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ: فِي الضَّمَانِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:

الْأَوَّلُ: الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ.

وَالثَّانِي: مَا فِيهِ الضَّمَانُ.

وَالثَّالِثُ: الْوَاجِبُ. وَأَمَّا الْبَابُ الثَّانِي: فَهُوَ فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ.

الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي الضَّمَانِ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ، فَهُوَ إِمَّا الْمُبَاشَرَةُ لِأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ لِإِتْلَافه، وَإِمَّا الْمُبَاشَرَةُ لِلسَّبَبِ الْمُتْلِفِ، وَإِمَّا إِثْبَاتُ الْيَدِ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي يَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهِ الضَّمَانُ إِذَا تَنَاوَلَ التَّلَفَ بِوَاسِطَةِ سَبَبٍ آخَرَ، هَلْ يَحْصُلُ بِهِ ضَمَانٌ أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَفْتَحَ قَفَصًا فِيهِ طَائِرٌ فَيَطِيرُ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُضَمَّنُهُ، هَاجَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ أَوْ لَمْ يَهِجْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُضَمَّنُ عَلَى حَالٍ. وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ أَنْ يَهِيجَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ أَوْ لَا يَهِيجُهُ، فَقَالَ: يُضَمَّنُ إِنْ هَاجَهُ، وَلَا يُضَمَّنُ إِنْ لَمْ يَهِجْهُ.

وَمِنْ هَذَا مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَسَقَطَ فِيهِ شَيْءٌ فَهَلَكَ، فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: إِنْ حَفَرَهُ بِحَيْثُ أَنْ يَكُونَ حَفْرُهُ تَعَدِّيًا ضُمِّنَ مَا تَلِفَ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُضَمَّنْ، وَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُضَمَّنُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّائِرِ.

وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَاشَرَةِ الْعَمْدُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ فَالْأَشْهُرُ أَنَّ الْأَمْوَالَ تُضَمَّنُ عَمْدًا وَخَطَأً، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ جُزْئِيَّةٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا؟ فَالْمَعْلُومُ عند الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، وَلِذَلِكَ رَأَى عَلَى الْمُكْرَهِ الضَّمَانَ (أَعْنِي: الْمُكْرَهُ عَلَى الْإِتْلَافِ) .

الرُّكْنُ الثَّانِي ; وَأَمَّا مَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ فَهُوَ كُلُّ مَالٍ أُتْلِفَتْ عَيْنُهُ أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ عَيْنُهُ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ، أَوْ سُلِّطَتِ الْيَدُ عَلَيْهِ وَتُمُلِّكَ، وَذَلِكَ فِيمَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتَلَفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>